الاخبارأبرز العناوينمقالات خاصة

بين مقتل سليمان واغتيال سرور حقائق صادمة وتكشُف المستور.. “الموساد” يعبُر المطار؟

كتب محمد حمية:

لا يُمكن لأي مراقب ومتابع للأحداث الأمنية التي طبعت المشهد العام في لبنان خلال الأسبوع الجاري، إلا أن يتوقف عند الأداء السياسي والإعلامي الرسمي والحزبي في التعاطي مع جريمتين بشعتين شغلتا الأوساط السياسية والرأي العام وتركتا خوفاً وهلعاً إضافياً لدى اللبنانيين لتزامنهما مع الذكرى الـ49 للحرب الأهلية اللبنانية.

في مقارنة بسيطة بين جريمة قتل المغدور القيادي في القوات اللبنانية باسكال سليمان وبين جريمة تصفية المواطن محمد سرور، تكشف الكثير من الحقائق الصادمة:

مع الإدانة الشديدة لمقتل سليمان بمعزل عن الظروف والأسباب التي أحاطت الجريمة، لكن لماذا أخذت كل هذه الأضواء والتركيز الإعلامي والسياسي من أعلى المراجع السياسية والأمنية والدينية فيما لم تحظّ جريمة قتل سرور بالإهتمام نفسه؟ علماً أن التحقيقات الأولية في كلا الجريمتين تُظهر أن دوافع الجريمة الأولى تتراوح بين السرقة والمخدرات على يد عصابة تنشط بين الحدود اللبنانية – السورية وليست بدافع الإغتيال السياسي، بينما التحقيقات الأولية في الجريمة الثانية تشير إلى عملية اغتيال على يد جهاز أمني خارجي يرجح أنه الموساد الإسرائيلي.

اللافت أنه وفور الإعلان عن جريمة قتل سليمان اشتعلت حملات الإستغلال الإعلامي والسياسي وتحريض الشارع وتوجيه الإتهامات ضد أطراف داخلية لأهداف خبيثة، واستمر التحريض السياسي والطائفي حتى بعد بيانات الجيش اللبناني التي حسمت بما لا يرقى للشك بأن عصابة مؤلفة من لبنانيين وسوريين خلف الجريمة.. ورفعت المراجع الدينية والسياسية التي ينتمي إليها سليمان، سقف الخطاب خلال مراسم تشييعه ودفنه، بعكس ما فعلت المراجع التي ينتمي إليها سرور حيث تركت للتحقيق أن يأخذ مجراه، مع فارق أن الجريمة الأولى حادثة عرضية تحصل بشكل دائم في لبنان ودول العالم من بينهم الدول التي تبدي بعض الأطراف اللبنانية إعجابها بالأمن والإستقرار فيها، كالولايات المتحدة وأوروبا، فيما مقتل سرور عملية اغتيال واضحة المعالم من جهاز أمني خارجي تشير أصابع الإتهام للموساد الإسرائيلي.

لكن أدعياء السيادة في لبنان الذين أطلقوا العنان لأنفسهم بإطلاق الإتهامات ضد حزب الله والتحريض الطائفي والعنصري، ودعوات الانتقام من النازحين السوريين وطردهم من مناطق لبنانية، لم يستفزهم مشهد اختراق جهاز أمني خارجي للسيادة اللبنانية والأمن القومي اللبناني وتنفيذ عملية اغتيال مواطن لبناني بمعزل عن انتمائه ووظيفته ودوره! لكن الأهم في القضية هو أن الفرضية المرجحة حتى الآن هي تورط الموساد الإسرائيلي، وما يعزز الفرضية هو إدراج سرور على لوائح العقوبات الأميركية بتهم تمويل الارهاب في العام 2019.

وتبقى أسئلة كثيرة تحمل غموضاً كبيراً يلف تفاصيل عملية قتل سرور.. فهل الموساد نفسه نفذ العملية أم عملائه في لبنان؟ وإذا كان الموساد، كيف دخل الى لبنان؟ هل عبر من مطار بيروت الى بيت مري حيث تمت تصفية سرور في فيلا؟؟ وبالتالي كيف تمكن من التمويه؟ وهل من خلال باسبورات مزورة لتضليل الأجهزة الأمنية؟.

مع الإشارة إلى أن هناك سوابق عدة للموساد الإسرائيلي بتنفيذ عمليات أمنية واغتيالات بحق قيادات في المقاومة كان أبرزها اغتيال المسؤول عن تطوير برنامج الصواريخ في حزب الله حسان اللقيس في منزله في الضاحية الجنوبية.

واللافت أن هذه الجريمة لم تلقّ الاهتمام الكافي من الدولة اللبنانية التي لم تصدر حتى بيان إدانة ولم تقوم باتصالات بذويه ولم تصدر التوجيهات الى الأجهزة الأمنية للإسراع في كشف ملابسات الجريمة كونها تمس الأمن القومي وخرق للسيادة اللبنانية رغم أنه خيوطها واضحة وأدلتها متوافرة! كما لم تلقِ الأجهزة الأمنية حتى الآن القبض على الإمرأة التي قِيل إنها استدرجت سرور الى شقتها بدافع الصرافة! أم أن أحد رجال الموساد أو مشغليه قد انتحل صفة هذه الإمرأة فقط لاستدراج سرور لتصفيته علماً أن الساحة اللبنانية وفق مصادر أمنية مكشوفة أمام أكثر من جهاز استخبارات أجنبي ومشرعة أمام العمليات الأمنية، ولا سيما للموساد الإسرائيلي، وترتفع خطورة هذه التصفيات في ظل الحرب الدائرة في الجنوب بين المقاومة و”إسرائيل” وخصوصاً أن مطار بيروت كان عرضة خلال الحرب لأكثر من عملية اختراق أمني وإلكتروني إسرائيلي، ما يكشف حجم النشاط الإستخباراتي والإلكتروني الاسرائيلي في لبنان.. لكن السؤال الذي يثير الريبة أكثر: لماذا لم تُكشف نتائج التحقيقات في اختراق مطار بيروت حتى الآن؟؟. ولماذا لم تكشف أبراج المراقبة البريطانية على الحدود اللبنانية – السورية جرائم سرقة وتهريب كجريمة قتل سليمان؟

ألا تستوجب عملية اغتيال سرور الإهتمام الذي لاقته جريمة قتل سليمان؟ أم أن المعايير المزدوجة هي الحاكمة ما يفضح حقيقة التمييز الطائفي بين المواطنين، والإستغلال السياسي لأي جريمة يمكن توجيه الإتهام لحزب الله؟ علماً أن الذين تباكوا وذرفوا الدموع على باسكال سليمان وحمّلوا النازحين السوريين المسؤولية هم أنفسهم ساهموا على كافة الصعد الاعلامية والسياسية وحتى الأمنية بتشجيع النازحين للنزوح الى لبنان ووقفوا مع “الثورة” والتنظيمات المسلحة ضد النظام في سوريا وشنوا الحملات على الجيش السوري وحزب الله والحشد الشعبي العراقي الذين واجهوا الحركات الإرهابية وحرروا الجرود اللبنانية ومعظم الأرضي السورية من الإرهاب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى