الاخبارأبرز العناوينمقالات خاصة

ماذا بعد الردّ الإيراني؟.. اليد على الزناد و”إسرائيل” أمام ثلاثة خيارات

كتب محمّد حميّة
شرّع الرد الإيراني الصاروخي على “إسرائيل” باب التساؤلات لدى الخبراء والمحللين والرأي العام اللبناني والعربي والعالمي، حول تناسبه واستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق وهل كان على قدر توقعات الحلفاء والخصوم؟ وما أهميته في معادلة الصراع مع كيان الإحتلال؟ وهل هذا المقدار كافٍ لكبح جماح حكومة “المجانين” في “إسرائيل”؟ وهل تلقفت طهران الضغوط الخارجية والتمنيات الأميركية بتخفيف حجم الرد؟ واستطراداً ما ردة الفعل الإسرائيلية المتوقعة؟.
أتاحت وقائع الليلة التي أيقظت العالم حتى الفجر الصباح استنتاج الخلاصات التالية:
*نجحت إيران في استثمار الرد في الحرب النفسية لبث الرعب والشلل في كامل مفاصل وقطاعات الكيان الاسرائيلي، إذ تكفي متابعة الإعلام الإسرائيلي خلال الأسبوع المنصرم لكشف قساوة ومرارة الانتظار والتخبط وانهيار المعنويات لدى المستوطنين.
*أظهرت طهران جرأة منقطعة النظير لجهة اتخاذ القرار بقصف “إسرائيل” أولاً واستعدادها للحرب الكبرى ثانياً، إذ كان بإمكان طهران الرد عبر حلفائها في سوريا ولبنان والعراق واليمن أو من قواعد صاروخية إيرانية من أراضي هذه الدول، لكنها أرادت توجيه رسالة واضحة بأنها قادرة على خوض الحرب بشكلٍ مباشر مع العدو إذا فُرضت عليها ولا تخشاها وتملك القدرة على ذلك، وهي تخطت كل الضغوط الخارجية والحرب النفسية والإغراءات التي مورست عليها لثنيها عن الرد، إذ لم يتجرأ نظام أو دولة عربية أو إقليمية على مهاجمة الكيان الإسرائيلي منذ العام 1973.

*حمل الرد رسائل أمنية وعسكرية وسياسية واستراتيجية أكثر من فعلٍ مادي تدميري، لا سيما وأنه عبر جغرافية فلسطين المحتلة، وعجزت كل الأساطيل الأميركية والغربية ومنصاتها وأجهزة التشويش والإعتراض عن قرصنة المسيرات وإنزالها كما سبق وفعلت إيران والمقاومة في لبنان. ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإضعاف إيران وإشغالها بحروب جانبية مع الإرهاب ودول مجاورة في المنطقة واستهداف حلفائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين، إلا أنها تمكنت من إيصال الصواريخ والمسيّرات التي عبرت آلاف الكيلومترات فوق العراق والأردن وسقطت في مناطق عدة في الكيان.
*على الرغم من عدائها المطلق لكيان الإحتلال ودعمها اللامحدود لحركات المقاومة في المنطقة، لكن للمرة الأولى تقصف إيران مباشرة العمق الإسرائيلي وبالصواريخ، وكسرت الحاجز النفسي الذي صنعته “إسرائيل” لنفسها والخطوط الحمر التي رسمتها للأنظمة العربية في المواجهة معها، وبالتالي سقط جدار الخوف من ردة الفعل الإسرائيلية المقابلة.
*أجهضت إيران أحد أهم أهداف حكومة العدو من استهداف القنصلية.. تغيير قواعد الإشتباك ومعادلة الردع القائمة بين إيران و”إسرائيل”، وثبتت معادلة الردع، وكرست منطق الرد على أي عدوان إسرائيلي عليها.
*لم تتجرأ الولايات المتحدة الأميركية على إطلاق صاروخ واحد من قواعدها في سوريا والعراق على الصواريخ والمسيرات الايرانية التي انطلقت من إيران وعبرت الأجواء العراقية والأردنية، ما ثبت معادلة الردع الإيرانية مع واشنطن، ويعكس أن الأميركيين لا يريدون توسيع الحرب في الشرق الأوسط ولا الحرب مع إيران لأسباب أميركية وانتخابية وأخرى تتعلق بمعادلات الردع والمصالح الحاكمة لمنطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر والخليج.
*أتى الرد الإيراني متناسباً مع استهداف القنصلية في دمشق، وفوّت على حكومة بنيمين نتانياهو فرصة إشعال حرب إقليمية للخروج من مأزقه، على أن الرسائل الأميركية وصلت بالجملة إلى طهران عبر الوسطاء والمفاوضات في سلطنة عمان، والتي عكست وفق معلومات منصة “بالوسط” تأكيداً أميركياً بأن واشنطن غير مسؤولة عن ضربة القنصلية والتصعيد الإسرائيلي وأنها لا تريد المواجهة مع إيران والا الحرب الإقليمية وتمنت على طهران تخفيف مستوى الرد، ولذلك جاء الرد الايراني مدروس ووازن بين حفظ هيبة الردع الإيرانية ومعنويات الشعب الإيراني والحلفاء في المنطقة وفي الوقت نفسه لا يجر إلى مواجهة كبرى ويحرم حكومة نتانياهو الذريعة التي تتمناها لتوسيع الحرب وتوريط الأميركيين بالحرب لتذويب هزيمتها المحتومة في ماء الحرب الأميركية – الإيرانية – والإقليمية. كما أظهرت أن الذي يمتلك قوة وقدرة الردع هو من يملك قرار وإمكانية خوض الحرب الشاملة.
ماذا عن الرد الإسرائيلي؟
أمام الحكومة الإسرائيلية 3 خيارات:
*احتواء الرد الإيراني واعتباره ضربة مقابل ضربة وتجنب أية ردة فعل، لكن ذلك سيظهر أن الكيان ضعيف ومردوع وخاضع لمعادلة الردع الايرانية ما يؤثر على قوة الردع الإسرائيلية وهيبة الجيش ومعنويات المستوطنين، كما خضع لمعادلة الجنوب مع المقاومة الفلسطينية ومعادلة الشمال مع حزب الله.
*الرد بقصف أهداف عسكرية في إيران، ما سيلقى ردات فعل إيرانية كبيرة قدر تجر الى مواجهة شاملة قد لا يحتملها الكيان الغارق في المستنقع الغزاوي والمطوّق من جبهات الإسناد، وعليه أن يختبر مجدداً أسبوع إضافي وربما أكثر من حبس الاأنفاس وكوابيس الرعب التي عاشها الأسبوع الماضي.
*الخيار الثالث رد إسرائيلي محدود لضرورات الإعلام ورفع المعنويات، مثل قصف أهداف في سوريا تدعي “إسرائيل” في الإعلام أنها مراكز ومنصات صواريخ للحرس الثوري الإيراني، ما يفتح الباب أمام ايران لعدم الرد، كونها ضمن قواعد الإشتباك المعمول بها في السابق بين إيران و”إسرائيل” التي ضربت أكثر من مرة أهداف للحرس الثوري الإيراني في سوريا من ضمنها إغتيالات جنرالات من دون رد إيراني.. وتعتبر حكومة العدو أن هذا الخيار يحفظ ماء وجهها ولا يستدرج ردة فعل إيرانية ستكون أشد إيلاماً بحسب تهديدات المسؤولين الايرانيين. ويمكن أن ينفذ الموساد بالتعاون مع الإستخبارات الأميركية عمليات اغتيال لشخصيات عسكرية أو دبلوماسية أو لعلماء إيرانيين داخل إيران أو خارجها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى